أرخيت ذراعيّ تمامًا بعد يومٍ من العمل
المضنِ، أخذت أستشعر الدم يتدفق فيهما مكبرًا صوت نبضات قلبي...
غلبني النعاس، تقارب جفناي، ثم قطع انغلاقهما
صوت همهمة... استفقت لبرهة...
"ءأنتِ بخير؟ لقد استُنفذتِ اليوم
حقًا!"
"لا تقلق، أحتاج لبعض الراحة
فقط..."
قلت "إنه الإرهاق"... اضطربت ذراعي
اليمنى.
رغم غرابة الموقف لم استفق واستسلمت للنوم،
فتسرب الهمس إلى أحلامي.
"أتذكرين شكلك؟"
"لا.. الفتاة لا تتحمل النظر إلى صورتها
في المرآة، وحين تبدل ملابسها تبتعد عنها قدر المستطاع. ثم حل الشتاء، ولا أرَ
نفسي إلا مغطاه بالملابس. ماذا عنك؟"
"لقد تدهور حالي، أهملتني الفتاة منذ
حجبتني."
"لازلت طويلًا وجميلًا كما أنت..."
"أتمنى ذلك."
صمتت ذراعي اليمنى لبرهة ثم قالت بتردد
:"علمت أنك تجعدت قليلًا؟"
"أعلم، صارت الفتاة تكرهني.."
"غير معقول!"
رد الشعر بحسرة: "أعتقد أنها ستقوم بقصي
عما قريب..."
" لا يمكن أن ترتكب هذه الحماقة!"
" أنا قلق، إنها مراهقة عصبية قليلة
الصبر، تقضي ليلتها في البكاء ونهارها في إخفاء عينيها. زاد وزنها وتدهورت،
عقلانيتها في إجازة!"
" ياللهول.."
ساد الهدوء من جديد، وحل محله أزيز مكروه
لأفكارهما...
ءأعيش تحت رحمة عواطفي حقًا؟
لم أتعمد إجهاد نفسي بالنحيب اليوم، بل
انهمكت في العمل والمجهود حتى هدأت عواصف عقلي، وتصايحت عظامي وقسمات ظهري.
باغتني شعري: "أتساءل عم مدى حبها لنا
وتقبلها لذاتها..."
"أتكره نفسها وهي بهذا اللطف؟ مزاياها
واضحة كأشعة الشمس!"
"نعم، كأشعة الشمس في يوم غائم..."
"ماذا تقول؟!"
"ألا تلحظين حزنها؟"
"وما شأني أنا؟ أنا مجرد ذراع..."
"من الخطأ أن تنسحبي هكذا! هل أنتِ
جرذ؟"
"إنني مجرد ذراع!"
"أعلم! ولكن ألم يمسّك حزنها مثلنا؟
وماذا عن سعادتها التي غمرتنا؟ كيف تنكرين تحطيم يأسها لك؟ وأملها لاذي أنعشك!
وذلك اليوم المميز في سنتها الخامسة عشر، عندما أدركت شهوتها وصعدت إليكِ نشوتها؟!
أنت متصلة بقلبها على الدوام!"
"لم أعد أحفل! فلتفعل بفؤادها ما تشاء!
لن أسمح بأن يطولني انسداد رسغي أو جلطة طرفية جرّاء كآبتها!"
أحسست بشعري يتراجع وينبسط في استسلام على
الوسادة، وبذراعي تتحول إلى هيكل متحجر.
لم أرغب في تغيير شكل شعري... سهوت عنه
كثيرًا، لا أفهم سبب تلقيبه بتاج المرأة وزينتها، إنه متشابك متداخل منهك، يرمز
فقط إلي عبثية الحياة وتعقيدها!
اغلقت عينيّ وتمنيت أن أختفي إلى الأبد...
كبحت جماح أفكاري السامّة بصعوبة، ونمت.