الستائر تتهادى
بخفة مع الريح... القهوة تبرد... السيارات تصدر ضجيجًا متقطعًا... ها هو العالم قد
بدأ في النهوض، بينما أودع أنا ساعتي الأولى جالسًا على سريري ألوم وجداني وكوابيسي.
ما معنى زيارة
والدي –رحمه الله – تلك؟ اختطف آلتي مني وعزف عليها، ثم طلب مني بسط كفيّ ليسحقهما
بها... حتى نطحم سويًا، أنا وعودي؟!
ربما فلحت في
إقناع نفسي أنها أوهام ما بعد الرسوب في الامتحان. كنت البارحة متعبًا... أجرُ قدميّ
إلى المنزل وأواسي عينيّ الدامعتين. لم يقصد ذلك الممتحن تدميري بقوله أنني سأظل
عازف عودٍ هاوٍ، لن ترتقِ قدراته لإصدار جمال جديد! إنه "بروفيسور"
متغطرس عزل نفسه عنّا –نحن الطلبة- بواسطة طبقة كثيفة من الغرور!
اقتحمت كلمة "فاشل"
عقلي كجيش من النحل، ومصدرها هو عدم احترامي لذاتي... وليست رسالة خفية من والدي
الميت، وإن لم يكف عن تكرارها في منامي الكريه...
استيقظت... احتضنت
عودي وضبطت أوتاره، شعرت بنفور غريب. اعتدت اقتراح بعض النغمات عليه كل صباح، فإما
أن يترجمها بسلاسة فأسجلها، أو يرفضها فأشكره لأمانته.
العود مشمئز مني
اليوم؛ رائحته غريبة... أوتاره تأبي التراخي... ويصدر أصواتًا منكرة. اعتدت أن
يلفظني البشر... لا هو.
*******
يومان
دخان السجائر يحول
بيني وبينه، ولا أستطيع التفكير أو البكاء... أين عساي أختبئ الآن من العالم؟ أنت
قشتي... فلِمَ تتخلَ عني؟ أنا منهك... خلاياي تئن، ولا أحد يكترث لموسيقي منطوٍ
فقد عقله! أخدعك ذهني بذلك الحلم؟ إنه اللاوعي أيها الأحمق! أنا أحملك دائمًا وأخبرك
أنك صديقي الوحيد وأنا واعٍ!
*******
أسبوع
مازالت أطرافي
تؤلمني... العتاب متواصل... ما جلبته عليّ من ضعف ونحيب وتقصير في العمل غير محتمل،
لا أريد أن أفقد وظيفتي أيها العود، أرجوك!
أحتدت نبرتي
وغمرني الغضب... أصبح الكون رماديًا ثم أسوّد، وعندما أفقت وجدت عودي مكسورًا...
آثار الأوتار الممزقة يخنق أصابعي. يا إلهي! أي جريمة اقترفت؟ كيف...؟!
لن أتوقف عن البكاء قريبًا؛ فقدت عزائي الوحيد وصرت
غارقًا بالكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق